عبد السلام ياسين ودعوى اطلاع الأولياء على اللوح المحفوظ

عبد السلام ياسين ودعوى اطلاع الأولياء على اللوح المحفوظ

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم الأنبياء المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين وعلى من اتبع هداه وستن بسنتة إلى يوم الذين أمابعد:

قال الله عز وجل : قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) سورة النمل

ادعى عبد السلام ياسين أن اللوح المحفوظ كان يطلع عليه كبار الصوفية وأنه يطمح هو كذلك لأن يزاحمهم بالركب ويبلغ مداركهم كما قرر ذلك في كتابه تنوير المؤمنات الذي كتبه توجيها لمريدات العدل والإحسان حيث يقول:(مالي أتغدى من فتات موائد الكرام ولا أبحث كما بحثوا لأزاحم بالركب كبار الصوفية كالغزالي ينظرون إلى اللوح المحفوظ فما مقامي أنا في ظلمة الجهل وابن تيمية يقرأ في اللوح المحفوظ وينبىء بغيب المستقبل كيف لوح محفوظ وعل غيب وابن تيمية إي نعم لا أذكر لك الصفحة والجزء لكي تقرئي كتاب مدراج السالكين لتلميذ ابن تيمية الذكي الزكي الذي قص كيف راجع شيخه أن المسلمين ينتصرون في المعركة مع التتار .وأخبره شيخه أنه رأى ذلك في اللوح المحفوظ)هذا من كتاب تنوير المؤمنات لعبد سلام ياسين : 1/290 الطبعة الأولى 1996م.

وهذا غلو خطير وادعاء ما استأتر الله بعلمه وهو -علم الغيب- لغيره من البشر ومن تأمل ما ساقه ابن القيم في مدراج السالكين عن ابن تيمية علم جهل ياسين وافتئاته على علماء الأمة وإن المرء ليعجب من هذا الغلو الذي سوق له أن يترك كتاب الله وراءه ظهريا ويتعلق بالأهواء ونحلة الضلال التي تجوز اطلاع الصوفية على مفاتيح الغيب واللوح المحفوظ وإحاطتهم بعلم الغيب الذي استاثر الله بعلمه.

ومراد ابن تيمية كما حققه ابن كثير - أن ذلك في كتاب الله - وهو قوله تعالى :(إن تنصر الله ينصركم ويثبت أقدامكم) لا أنه اطلع على مافي اللوح المحفوظ وعلم انتصار المسلمين لأن ذلك مستحيل شرعا وعقلا فإن ابن تيمية لما رآى إقدام المسلمين وبذلهم أنفسهم وأموالهم للجهاد في سبيل الله مع جيوش المماليك أيقن أن الله سينصرهم قال ابن كثير :- وكان الشيخ تقي الدين بن تيمية يحلف للأمراء والناس إنكم في هذه الكرة منصورون فيقول له الأمراء قل إن شاء الله فيقول إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا - وكان يتأول في ذلك أشياء من كتاب الله منها قوله تعالى (ومن بغي عليه لينصرنه الله) من كتاب البداية والنهاية :14/23.

ودعوى الاطلاع على علم الغيب والنظر في اللوح المحفوظ هي شنشنة قديمة رددها ياسين في كتاب –الإسلام بين الدعوة والدولة - وكان يدندن عليها قبله عبد العزيز الدباغ في كتابه - الإبريز- و الدباغ أحد الشخصيات التي أغرم بهاعبد السلام ياسين.

فهؤلاء يرون أنهم يشاركون الله في معرفة المفاتيح الخمسة لعلم الغيب كما قرر ذلك عبد العزيز الذياغ في كتابه – الإبريز- في فصل –الديوان- الذي زعم فيه أن الأولياء من الأقطاب و الأغواث يجتمعونفيه كل ليلة في غار حراء و يتداولون مجريات الأقدار فيقسمون الأرزاق ويدبرون ماسيكون من جدب ونزل أمطار ورخص وغلاء وموت شيخ وميلاد أطفال مما اطلعوا عليه في اللوح المحفوظ {نظر الإبريزمن كلام عبد العزيز الذباغ ,لأحمد بن مبارك :65*91, 349*269} كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا والله تعالى يقول:( وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمه إلاهو).

وهذا من علامات البوار والسقوط والاضمحلال الذي يحل بالطوائف والأمم حين ينحط العقل وتسيطر عليه الخرافة وتحل و الضنون والأوهام محل قواعد الشرع والعلم ويسود الجهال ويتكلم الروبضات ويتولى العلماء إلى الضل.

كما قال الإمام مالك :- ماقلت الآثار في قوم إلا ظهرت فيهم الأهواء ولاقل العلماء في قوم إلاظهر فهم الجفاء- وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: -وإنما مثل العلماء كمثل النجوم يهتدي يها في ظلمات البر والبحر فإذا انطفأت النجوم أوشك أن تضل الهداة- أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله :1/64 وحلية الأولياءلأبي نعيم :2/283


من كتاب: العدل والإحسان من الخلافة إلا الخرافة أو تنبيه الوسنان إلى منامات العدل والإحسان وبيان ما فيها من الزراية والبهتان - لدكتورأبوجميل العلمي السجلماسي : الطبعة الثاتية 2005م/1426ه

بارك الله فيك