الراي الوسط في شأن الصوفية.

عضو عدد الرسائل : 20 تاريخ التسجيل : 17/09/2007

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
وبعد فان موضوع الصوفية من المواضيع التي شغلت هموم الناس عامة وطلبة العلم من الشباب خاصة فتفرق الناس أصنافا في شان الصوفية فقوم قبلوا التصوف كله ولم يفرقوا بين الصوفية الغالية والصوفية المتوسطة والصوفية الاتحادية والحلولية يمدحون أقطاب الكفر كابن عربي وابن سبعين والتلمساني وغيرهم ممن يقول بالحلول ولاتحاد ويستوي عنده المؤمن والكافر وقوم يتبرؤون من الحلولية والاتحادية ولكن لا يتكلمون عن بدع الصوفية وضلالات بعضهم خاصة المتأخرين وقوم اتهموا المتصوفة قاطبة بالاتحاد والحلول ولم يستثنوا الزهاد الأولين والعلماء الفضلاء ممن كانوا يعظمون السنة والشريعة ويقفون عندالامر والنهي.وقوم أنصفوا وعدلوا وميزوا وأعطوا كل ذي حق حقه واثنوا على الصوفية الزهاد الفضلاء الم يكن عبدا لقادر الجيلاني صوفيا الم يكن الهروي صوفيا وكان ابن تيمية يترحم على الجيلاني وأمثاله من الصوفية الفضلاء أهل السنة والجماعة وكذلك يفعل ابن القيم وغيرهما من الأئمة .لذا وجدت منهج ابن تيمية وابن القيم اسلم المناهج في معالجة قضية الصوفية فإنهما بينا ماعند القوم من الحق الذي يعظمون به والمخالفات التي تبين لتترك وبينا كذلك أصناف التصوف وفرقا بين الغلاة والمبتدعة والمعتدلين .مع تبيانهما أن منهج الصحابة والتابعين أهدى سبيلا فبذلك أنصفا وبينا ونصحا .
ولما رأيت هذا المنتدى الطيب اهتم بالأمر آثرت أن اكتب موضوعا في هذا الأمر أبين فيه ماراه حقا وأدين الله به رب العالمين .لذا سأرسل الموضوع على دفعتين اوثلاثة دفع .وسأجعل الدفعة الأولى في الكلام على معنى الصوفية واصل الكلمة وبعد ذلك أتطرق الى نشأة الصوفية ومذاهبها ومدارسها.
واسأل الله التوفيق في القول والعمل.
1-تعريف الصوفية :
لايتسع المجال لجمع كل ماقيل في معنى التصوف وقد اطنب العلامة احسان الهي ظهير في ذلك فليراجع من شاء التوسع كتابه الممتع (التصوف النشاوالمصادر) وساذكر مانقله العلامة الشيخ الكبير محمد بن احمد ميارة الفقيه المالكي الكبير تلميذ الامام ابن عاشر وذلك في شرحه الكبيرعلى منظومة ابن عاشر في العقيدة والفقه والتصوف .قال ميارة ناقلا عن الشيخ زروق .(وقد كثرت الأقوال في اشتقاق التصوف , وأمسى ذلك بالحقيقة خمسة .
الأول : قول من قال : من الصوفة , لأنه مع الله كالصوفة المطروحة لا تدبير له .
الثاني : أنه من صوفة القفهاء , للينها , فالصوفي هيّن ليّن .
الثالث : أنه من الصفة , إذ جعلته اتصاف بالمحاسن وترك الأوصاف المذمومة .
الرابع : أنه من الصفاء , وصحح هذا القول حتى قال أبو الفتح البستي رحمه الله :

تنازع الناس في الصوفي واختلفوا وظنه البعض مشتقا من الصوف

ولست امنح هذا الاسم غير فتى صافى فصوفي حتى سمي صوفي

الخامس : أنه منقول من الصفة لأن صاحبه تابع لأهلها فيما أثبت الله لهم من الوصف حيث قال تعالى : { يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } . وهذا هو الأصل الذي يرجع إليه كل قول فيه ).

وقال أبو نعيم الأصبهاني في كتابه حليةالاولياء :
(واشتقاقة من حيث الحقائق التي أوجبت اللغة فإنه تفعل من أحد أربعة أشياء , من الصوفانة , وهي بقلة رعناء قصيرة , أو من صوفة وهي قبيلة كانت في الدهر الأول تجيز الحاج وتخدم الكعبة , أو من صوفة القفاء وهي الشعرات النابتة في متأخره , أو من الصوف المعروف على ظهور الضأن ) .
وساذكر كلام ابن تيمية لمافيه من الفائدة والتحقيق
( أما لفظ الصوفية فإنه لم يكن مشهورا في القرون الثلاثة ، وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك وقد نقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ ، كالامام أحمد بن حنبل ، وأبي سليمان الداراني وغيرهما ، وقد روي عن سفيان الثوري أنه تكلم به ، وبعضهم يذكر ذلك عن الحسن البصري ، وتنازعوا في المعنى الذي أضيف إليه الصوفي ، فإنه من أسماء النسب كالقرشي والمدني وأمثال ذلك ، فقيل : إنه نسبة إلى أهل الصفة ، وهو غلط ، لأنه لو كان كذلك ، لقيل : صفي ، وقيل نسبة إلى الصف المقدم بين يدي الله ـ وهو أيضا غلط فإنه لو كان كذلك لقيل : صوفي ، وقيل نسبة إلى صوفة بن بشر بن أد بن بشر بن طابخة ، قبيلة من العرب كانوا يجاورون بمكة من الزمن القديم ينسب إليهم النساك ، وهذا وإن كان موافقا للنسب من جهة اللفظ فإنه ضعيف أيضا ، لأن هؤلاء لكان هذا النسب في زمن الصحابة والتابعين وتابعيهم أولى . ولأن غالب من تكلم باسم الصوفي لا يعرف هذه القبيلة ولا يرضى أن يكون مضافا إلى قبيلة في الجاهلية ، لا وجود لها في الاسلام وقيل ـ وهو العروف ـ أنه نسبة إلى الصوف ، فإنه أول ما ظهرت الصوفية في البصرة . وأول من ابتنى دويرة الصوفية بعض أصحاب عبد الواحد بن زيد ، وعبد الواحد من أصحاب الحسن ، وكان في البصرة من المبالغة في الزهد والعبادة والخوف ونحو ذلك ما لم يكن في سائر أهل الأمصار وقدروى ابو الشيخ الاصبهاني باسناده عن محمد بن سيرين أنه بلغه أن قوما يفضلون لباس الصوف ، فقال إن قوما يتخيرون لباس الصوف يقولون إنهم يتشبهون بالمسيح بن مريم ، وهدي نبينا أحب إلينا وكان " صلى الله عليه وسلم " يلبس القطن وغيره ، أو كلاما نحوا من هذا).اه من الفتاوى ج 11ص6-7.

وسالخص الكلا في التعريف بمانقله العلامة احسان ظهير عن مصطفى عبدالرزاق في كتابه(التصوف) :
'' أما أصل هذا التعبير فالأقاويل فيه كثيرة :
فمن مرجح أنه لفظ جامد غير مشتق كالقشيري .
ومن قائل : أنه مشتق من الصفاء أو الصفو .
ومن قائل : أن اللفظ مأخوذ من الصوف لأن لباس الصوف كان يكثر في الزهاد .
وقال قائلون : إن الصوفية نسبة إلى الصفة التي ينسب إليها كثير من الصحابة .... لكن النسبة إلى الصفة لا تجيء على الصوفي , بل على الصفي .

وثم أقوال ضعيفة أخرى , كالقول بأن الصوفي نسبة إلى الصف الأول , لأنهم في الصف الأول بقلوبهم من حيث المحاضرة والمناجاة .

وكالقول بأنهم منسوبون إلى صوفة القفا .
أو منسوبون إلى صوفة بن مروان .

وأرجح الأقوال وأقربها إلى العقل مذهب القائلين بأن الصوفي نسبة إلى الصوف , وأن المتصوف مأخوذ منه أيضا , فيقال : تصوف إذا لبس الصوف ).
وذهب بعضهم الى ان اصل كلمة صوفيا من الكلمةاليونانية (صوفيا) وتعني الحكمة بسبب المشابهة الصوتية بين كلمة ( صوفي ) والكلمة اليونانية ( صوفيا ) , وكذلك لوجه الشبه الموجود بين كلمة ( تصوف ) , ( تيوصوفيا ) , وأن كلمتي صوفي وتصوف أخذتا من الكلمتين اليونانيتين ( سوفيا ) و (وتيوسوفيا) .
وللمزيد الى تعريف الصوفية والتصوف يرجى الرجوع الى كتاب العلامة احسان الهي ظهير في كتابه(التصوف المنشاوالمصادر)وله كتب مهمة في الرد على الرافضة والدفاع عن الصحابة وقتله الرافضة غدرا اثناء القائه محاضرة وامر الشيخ ابن باز-يرحمه الله-باحضاره الى بلادالحرمين للعلاج لكن قضى الله ان يتوفاه فدفن رحمه الله بالبقيع حيث الصحابة الذين طالما نافح عنهم رحمه الله فتامل.
وسابعث ان شاء الله قريبا بتتمة الموضوع.
( يتبع )